الاثنين، 29 مارس 2010

موضوع توقعات بمزيد ارتفاع في أسعار العقارات

صحيفة الشرق الأوسط

سعود الأحمد

يتحدث البعض عن التوقعات بانخفاض أسعار العقارات السكنية، بتفاؤل مفرط. وما أجمل أن تلامس العبارات الرنانة رغبات البسطاء لتدغدغ مشاعر الأغلبية، والبعض يتحدث عن توجهات حكومية لتمليك المواطنين مساكن مناسبة بأسعار رمزية أو قروض ميسرة، أو إصدار أنظمة تُلزم ملاك العقارات بتخفيض أقساط الإيجارات وقيم قطع الأراضي السكنية.. والناس تصدق مثل هذه الوعود، خاصة إذا جاءت من أقلام صحافية ذات أسماء رنانة. لكنني أقرأ مثل هذه الكتابات، بأنها تفتقر للتأسيس والواقعية، وأنها تساهم سلبا في معالجة المشكلة. فمثل هذه الكتابات تقلل الحافز لدى المستثمرين في مجال إنشاء العقارات والمشروعات التطويرية. لأن المستثمر (الأجنبي والمحلي) يقرأ مثل هذه الكتابات على أنها توجهات حكومية. وبالتالي ينخفض لديه الحافز لتحمل أعباء مشروعات استثمارية إنشائية! كما أن هذه التوقعات ترفع من تكلفة رأس المال، المتمثل في القروض التي تمنحها البنوك وشركات التمويل المالي، لأن المخاطرة هنا ترتفع في ظل الشكوك في توفير المساكن للجميع بلا فوائد أو بقروض بشروط وضمانات ميسرة. لكن الواقع المشاهد: أن هناك ارتفاعا في إيجارات الوحدات السكنية.. وأسعار بيع الأراضي والوحدات السكنية. وهناك نقص في حجم المعروض من العقارات السكنية، ومستثمرو العقارات يعانون من ارتفاع مستمر لأسعار مواد البناء، التي نعرف أن معظمها مستورد! وهناك ارتفاع في أجور إيصال الخدمات وقلة الأيدي العاملة الماهرة وارتفاع أجورها.. في ظل غياب الآلية الفاعلة لمعالجة مشكلة تهرب المستأجرين من دفع الأقساط المستحقة عليهم.. وبالتالي فالمشكلة في ازدياد، والأسعار ستتأثر بذلك. ولا ننس أن مشروع «مساكن» الذي تقوم عليه المؤسسة العامة للتقاعد قد توقف.. ومؤسسة التأمينات الاجتماعية لحقت «شقيقتها» وأحجمت عن الدخول في المجال!.. وصندوق التنمية العقارية ليس لديه سيولة كافية لمواجهة طلبات المواطنين.. وهيئة الإسكان بما مُنحت من اعتمادات مالية، تتحدث عن توفير ما يقارب عشرة آلاف وحدة سكنية على مدى السنوات القادمة، في وقت الرياض (وحدها) تحتاج (اليوم) فيه إلى أكثر من مائتي ألف وحدة سكنية. ومعدل النمو السكاني يزداد، ومنح الأراضي السكنية وبناء المساكن الحكومية في تناقص!. كما أن المعالجة عن طريق نظام الرهن العقاري، ستُحلق بالأسعار في كبد السماء، لأن الطلب سيزداد، وتزداد معه القروض البنكية في ذمم المواطنين المحتاجين للسكن. وكنت قد اجتمعت «شخصيا» مع معالي محافظ هيئة الإسكان، وأطلعني على رؤية الهيئة لمعالجة أزمة السكن، لكنني لم أخرج منه بقناعة، إلا بترسيخ للمشكلة وبُعد لآلية معالجتها قريبا. وإحصائيات السكن لا يُعتمد عليها، لأنها غير دقيقة، فليس كل مواطن بحاجة لامتلاك سكن؛ فالأسرة التي تتكون من أب وزوجة وأطفال، لا شك في أن حاجتهم الآنية لمنزل لرب الأسرة فقط، أما الأطفال والزوجة فيسكنون في منزل مع والدهم الذي هو رب الأسرة. لكن هناك أساتذة جامعات ومتقاعدون عسكريون حاجتهم أكثر إلحاحا للسكن، ولدينا ما يقرب من مائة ألف طالب مبتعث، هؤلاء سيحتاجون لمساكن خلال مدة أقصاها خمسة أعوام.. فكيف سنعالج هذه المشكلة! وفي الختام.. فمن يعد بحل قريب لمشكلة السكن، فإن عليه أن يأتي بمؤشرات إيجابية ترجح ما تقدم من مؤشرات سلبية ترجح احتمال ارتفاع الأسعار.
*كاتب ومحلل مالي
الرابط
http://www.aawsat.com//details.asp?section=6&issueno=11444&article=562967&feature
http://bit.ly/cetVNp

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق